الدرس الرابع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأخواتي إخواني، اليوم درسنا سهل جدًّا جدًّا وبسيط جدًّا جدًّاوالسبب في ذلك هو تكرار الموضوع، فنحن اليوم بصدد تكرار الدرس السابق ولكن عن طريق دراسة بحرٍ جديدفي الدرس السابق تكلمنا عن بحر الكامل، وبحرنا لهذا اليوم عبارة عن صورة أصغر لبحر الكامل.... مجزوء الكامل:هذا هو بحرنا الجديد، وربما العنوان يبين خصائص هذا البحرلن أطيل عليكم، التفعيلة المستخدمة في هذا البحر هي مُتَفاعِلن بصورتيها، محركة التاء وساكنتهاحيث أنَّ مُستفْعلن = متْفاعلنإذن عندما نتكلم عن مُتَفاعلن، علينا أن يبدر بذهننا مستفعلنوهذا ما قصدته عن تسكين التاء!!والآن إلى خصائص هذا البحر: سُمِّي مجزوء الكامل لأنَّه وبكلِّ بساطة عبارة عن بحر الكامل، ولكن ننقص من كل شطرة في البيت تفعيلة واحدة، ونحن نذكر أن بحر الكامل يتكون من ثلاث متفاعلن: متفاعلن+متفاعلن+متفاعلن
أمَّا مجزوء الكامل فيتكون من اثنتين فقطمتفاعلن+ متفاعلن
في كل شطر من البيت
وهكذا يكون مجزوء الكامل!! وأنواع هذا البحر ثلاثٌ أيضًا:عروضه دائمًا صحيحة،- وإنما القصد بكلمة عروض هُنا هو نهاية الشطر الأول من كل بيت، أي آخر تفعيلة في الشطر الأول...- وله ثلاثة أضرب – والضرب، هو التفعيلة الأخيرة في الشطر الثاني من كل بيت، ولا بد لنا من حفظ هذا-... النوع الأول:الضرب يكون صحيحًا... أي بمعنى أن التفعيلة الأخيرة في الشطر الثاني للبيت تكون صحيحةً دون زيادةٍ أو نقصان... وتأتي على صورة متفاعلن، أي بصورتها الأصلية لا غير..ومثالا على هذا النوع أسوقمن قصائد حافظ إبراهيم أخشى مُربِّيَتي إذا** طلع النهارُ وأفزعُ
وأظلُّ بينَ صواحبي**لعقابها أتوقعُ
لا الدمعُ يشفعُ لي ولا**طولُ التضرُّعِ ينفعُ
وأخافُ والدتي إذا**جنَّ الظلامُ وأجزعُ
وأبيتُ أرتقبُ الجزا**ءَ وأعيُني لا تهجعُ
ما ضرَّني لو كنتُ أسْـ**تمعُ الكلامَ وأخضعُ
جميع أبيات هذه القصيدة تنتهي بـ متفاعلن، وكما أننا نلحظ أنَّ متفاعلن في بعض الأبيات أصبحت مستفعلن دون إلزام! النوع الثانيالضربُ مُذيَّل –ومعنى مُذيَّل، أنه يتم إضافة حرف ساكن واحد إلى التفعيلة، وبما أننا نتكلم عن الضرب، إذن تكون الزيادة فقط في آخر تفعيلة من الشطر الثاني للبيت-ومن أمثلة هذاقول الشاعر في قصيدة صرخة السلامأرأيتَ إذ ولد السلامْ**فنعوه من قبل الفطامْ
وضعته أوروبا لنا**يا ليت أوروبا عقامْ
طفلٌ بريءٌ ذاق من**يد أمهِ كأسَ الحِمامْ
لهفي عليه ممزق الـْ** أوصال منتثر العظامْ
كما نلاحظ، فإنَّ جميع الأبيات
انتهت بالوزن متفاعلاتْ أو متفاعلانْ (إن أردتم، فلا فرق في الحرف)
النوع الثالثالضرب مرفَّل- والترفيل هو إضافة سبب خفيف واحد للتفعيلة، والسبب الخفيف كما تعلمنا هو حرفان (متحرك فساكن)، أي تصير متفاعلن إلى متفاعلاتُنْ-ومن أمثلة هذاقول أحمد شوقي:يا ناعمًا رقدت جفونهْ**مضناكَ لا تهدا شجونهْ
حمل الهوى لك كلهُ**إن لم تعنه فمن يعينهْ
بيني وبينك في الهوى**سببٌ سيجمعنا متينهْ
الروحُ ملك يمينهِ**يفديهِ ما ملكتْ يمينهْ
نلاحظ أن كل الأبيات انتهت بالوزن
متفاعلاتُنْ!!
هذا هو درسنا، ولكن بقي أن أذكر بعض الملاحظاتأنظروا للبيت الأول في المثالين الأخيريننرى أن البيت الأول في القصيدة الأولى انتهى بنفس قافية القصيدة، وأيضًا كانت عروضه (التفعيلة الأخيرة في الشطر الأول) انتهت بنفس الزيادة في الضرب، فمرةً كان التذييل ومرة كان الترفيل! وكما ذكرت سابقًا أن العروض صحيحة، ولا تشوبها زيادةٌ أو نقصان...في القصائد نلاحظ أغلب الوقت أن البيت الأول دائمًا يكون الشطر الأول فيه على القافية، فترد القافية مرتين في البيت الأول، وهذا اسمه في الشعر العربي (التصريع) ولا يكون التصريع إلا في البيت الأول، والقصائد التي تخلو من هذا، تكون شبه عقيمة، ولكن لا نستطيع القول أنها تخلو من الجمال، ولكن إن صرعت كانت أجمل...وأيضًا ملاحظة ثانية، لاحظوا في أبيات شوقي في البيت الثاني والرابع، حيث انتهى الشطر الأول فيالبيت الثاني بـ لكَ كلُّهُ : لككلْ لهُوالبيت الرابع بـ مُلكَ يمينهِ: كيمي نِهِالهاء هنا مُشبعة الحركة، أي أن الحركة على آخرها تنقلب إلى ما يوازيها في حروف العلة، فتصير الضمة واوًا والكسرة ياءً .... تكلمت عن هذا سابقًا، ولكن ما لم أقله، أن الإشباع يكون في الهاء دائمًا إن أراد الشاعر ذلك، وهذا ما يميزها عن باقي الحروف!! وأما ملاحظتي الثالثة، هو أن العروضيين ذكروا وجود نوعٍ رابع لهذا البحر، وهذا النوع يكون فيه الضرب مُضمرًا –والإضمار هو حذف الشق الأخير من التفعيلة، فتصير متفاعلن إلى متفا- كما كان في بحر الكامل، ولكن هذا النوع لم يشع في الشعر العربي، وقد ساق العروضيون دائمًا بيتًا واحدًا كمثالٍ على هذا النوع، وهذا البيت تكرر في جميع الكتب العروضية، ولكن دون أي إشارة إلى قائله أو إلى القصيدة التي ينتمي إليها، وهذا البيت هو:وإذا هُمُ{و} ذكروا الإسا**ءةَ أكثروا الحسناتِ
(وضعت الواو بين سطرين، دلالةً على إشباع حركة الميم)
وهذا البيت هو الشاهد الوحيد على هذا النوع الرابع، ولأن الشعر العربي خلا من هذا النوع، لا بد وأنه ثقيل على اللسان والأذن، فنحذفه من قاموسنا الشعري... وظيفتكم، لا أريد منكم أن تجلبوا لي أي قصائد أو ما شابه، بل أريد رؤية إبداعاتكم، كلٌّ على نوعٍ واحد من الأنواع الثلاثة، ومن أراد فليكتب على أكثر من نوع، لا مانع لدي!! وبالنسبة للمصطلحات، سأدونها جميعها، وفي نهاية الدروس أعطيكم إياهاتحياتي