المطرية تتكلّم
يا ناشرَ العلم بهذى البلادْ **وُفِّقتَ، نشرُ العلم مثلُ الجهاد
بانىَ صَرْحِ المجدِ، أنتَ الذي ** تبنى بيوتَ العلم في كل ناد
بالعلم ساد الناسُ في عصرهم ** واخترقوا السبعَ الطِّباقَ الشَّداد
أيطلب المجدَ ويبغى العلا ** قومٌ لسوقِ العلم فيهم كساد؟
نَقَّادُ أعمالك مُغْلٍ لها **إذا غلا الدرُّ غلا الانتقاد
ما اصعبَ الفعلَ لمن رامه ** وأسهلَ القولَ على من أراد
سمعاً لشكواى، فإن لم تجد** منك قبولاً، فالشكوى تُعاد
عدلاً على ما كان من فضلكم ** فالفضلُ إن وُزِّع بالعدلِ زاد
أسمعُ احياناً ، وحيناً أَرى ** مدرسةً في كلِّ حيّ تُشاد
قّدَّمْتَ قبلى مدناً أو قُرى ** كنتُ أنا السيفَ، وكنّ النِجاد
انا التي كنت سريراً لمن ** ساد (كإدّورْدَ) زماناً وشاد
قد وحّد الخالقَ في هيكلٍ ** من قبل سقراطَ ومن قبل عاد
وهذب الهندُ دياناتِهم** بكل خافٍ من رموزى وباد
ومن تلاميذى موسى الذي **أُوحى مِنْ بعدُ إليه فهاد
وأرضعَ الحكمةَ عيسى الهدى** ايامَ تُربِى مهدُّه والوساد
مدرستي كانت حياضَ النُّهى** قرارةَ العرفان، دارَ الرشاد
مشايخُ اليونان يأْتونها** يُلقون في العلم إليها القِياد
كنا نُسميهم بصِبيانه ** وصبيتى بالشيب أَهل السداد
* * *
ذلك أمسِى ، ما به ريبة** ويومىَ ( القبةُ) ذات العِماد
أصبحتُ كالفردوسِ في ظلها** من مِصرَ للخنكا لِظِلى امتداد
لولا جُلى زيتونى النَّضْرِ، ما** أَقسمَ بالزيتونِ ربُّ العباد
الواحةُ الزَّهراء ذات الغنى ** تُربِى التي ما مثلها في البلاد
تُريكَ بالصبح وجُنحِ الدُّجى ** بدورَ حسنُ، وشموسَ اتقاد
* * *
بَنِىَّ – يا سعدُ- كزُغْبِ القَطا** لا نقَّص اللهُ لهم من عِداد
إن فاتكَ النسلُ فأَكْرِمْ بهم** ورُبَّ نَسلِ بالندى يُستفاد
أخشى عليهم من أَذًى رائحٍ ** يجمعهم في الفجر والعصر غاد
صفِيرُهُ يَسلُبنى راحتى ** ويمنعُ الجفنَ لذيذَ الرقاد
يعقوبُ من ذئب بكى مُشفِقاً** فكيفَ انيابُ الحديد الحِداد؟
فانظرْ – رعاك اللهُ – في حاجهم** فنظرةٌ منكَ تُنيلُ المراد
قد بسطوا الكفَّ على أَنهم** في كرم الراح كصوْب العِهاد
إن طُلب ( القسط) فما منهمُ** إلا جوادٌ عن أبيه الجواد